هل تبحث عن شيء معين؟

03/12/2019

القطاع العقاري يتطلب البيانات والمعلومات التي تدعم المستثمر في بناء قراراته

نظم بنك الخليج جلسة حوارية لمناقشة وضع سوق العقار في الكويت وآخر مستجداته، وذلك بمشاركة نخبة من كبار التنفيذيين في الشركات العقارية الكويتية والمختصين في القطاع العقاري والجهات الحكومية والنفع العام ذات العلاقة. وتأتي هذه الجلسة انطلاقا من حرص البنك على تبادل الخبرات والتجارب بين المختصين واصحاب القرار بما يثري بيئة الأعمال ويعود بالنفع على الجميع.

يعتبر القطاع العقاري في الكويت قطاعاً صحياً مقارنة مع دول مجلس التعاون الخليجي، وذلك بسبب عدم توسع القطاع بين عامي 2013 و 2016، وبالتالي فإن المعروض يعتبر تحت السيطرة.

ورغم السيطرة على المعروض، إلا أن هناك جملة من العوامل التي أثرت على نشاط وحجم الصفقات والتداولات في بعض قطاعاته، وكان التراجع ملحوظاً في أسعار القطاع الاستثماري على وجه الخصوص، الذي تراجع في كافة الأرباع المالية لعام 2018، بنسب تتراوح بين 0.3% و 0.5%، ليسجل مع بداية العام الجاري وتحديداً في الربع الأول تراجع بنسبة 0.3% مقارنة مع الفترة المماثلة من 2018. تراجع أسعار العقار الاستثماري أثرت بدورها على حركة التداولات التي تراجعت بدورها 16.2% في الربع الأول من العام الجاري، لتشهد بعدها نمواً طفيفاً في الربع الثاني بنسبة 1.5%، ولتعاود الهبوط بنسبة 25.7% في الربع الثالث من العام الجاري على أساس سنوي

وتشير الأرقام إلى أن وضع القطاعين السكني والتجاري من حيث الأسعار والتداولات تأتي أفضل من القطاع الاستثماري، فرغم ارتفاع معدلات تداول السكني والتجاري بنسبة 47% و 57% على التوالي في الربع الأول من العام الجاري، إلا أن ارتفاع الأسعار في القطاعين بلغ 0.2% و0.1% على التوالي في الفترة المذكورة.

وشهدت قيمة الأراضي في الكويت ارتفاعات ملحوظة في بعض المواقع النادرة والمميزة، فبين عامي 2015 و2016، كان متوسط سعر المتر بالعقار الاستثماري في العاصمة بحدود 800 دينار، أما حالياً فهو بحدود 1400 و 1500 دينار كويتي. ورغم ارتفاع الأسعار، لاتزال بعض الشركات العقارية العائلية لها حصتها المؤثرة من تداولات العقار الاستثماري والتجاري، علماً بأن عدد الأراضي الاستثمارية الخالية تتراوح ما بين 1200 إلى 1300 أرض فقط بعد التوسّع الكبير الذي شهدته الكويت قبل عام 2013 والذي جاء استجابةً لقلّة المعروض.

أما الجانب السكني، فقد كان سعر المتر في محافظة مبارك الكبير بحدود 400 دينار كويتي بين عامي 2015 و 2016، أما اليوم فهو بحدود 600 دينار تقريبا. ويأتي ارتفاع سعر الأراضي في القطاع السكني رغم تغييب دور الشركات العقارية بموجب قانون (28/9)، الذي يمنعها من التملك، ما دفع بعضها نحو الاستثمار في هذا المجال بدول الخليج واوروبا.

أما العقار الصناعي، فيختلف المشهد فيه نوعاً ما، فهو يشهد طلباً متنامياً على المخازن والأراضي الصناعية بشكل عام. فيما تظهر البيانات المتاحة حالياً ارتفاع أسعار قطاعي الخدمي والحرفي، ولكن هذا الارتفاع غير مدفوع من قبل أصحاب الصناعة، بل من متداولين يتحكّمون بالعرض وسعره، والمستفيد هو تاجر العقار الذي يبحث عن النفع المادي السريع، وذلك بسبب عدم وجود قانون تملّك في هذا القطاع.

كما تعاني العقارات التي تستهدف قطاع التجزئة والمطاعم، في الوقت الحاضر بسبب ضعف الطلب بالنظر ربما إلى ارتفاع أسعار الإيجارات، ولن يعود الطلب على المعروض في هذه الشريحة إلا إذا انخفضت الإيجارات.

وتشهد أسعار بعض الأراضي ارتفاعاً ملحوظاً في الوقت الذي تعتبر فيه البلاد الأقل إنفاقاً بين دول مجلس التعاون الخليجي على المبادرات الضخمة مثل تطوير الواجهة البحرية، والشويخ الصناعية، ومنطقة الشاليهات، ومشروع سكن العمال، أو ما يسمى بالمجتمعات المغلقة (Gated community) وغيرها من المشاريع الكبيرة كالمدن الصناعية.

وفيما تتوجه الدول المجاورة إلى تطوير "المشروعات الضخمة" (Mega Projects) التي حقق العديد منها نجاحاً، لم تواكب الكويت هذا التوجه رغم ما تملكه من أساسيات ديموغرافية ومالية تدعم تطوير مثل هذه المشاريع بما يعود بالمنفعة على الشركات التي تشارك فيها، فضلاً عن فئات المجتمع التي تستهدفها. وبناء على ذلك، يحتاج القطاع اليوم إلى طرح مناطق سكنية واستثمارية وتجارية جديدة من قبل الحكومة التي تعتبر المالك الرئيسي للأراضي، وذلك لتعديل هيكلية التداول العقاري بالكويت، رغم مساعي الهيئة العامة للإسكان إلى طرح مشاريع عقارية كبرى مثل المولات والمكاتب والسكن الاستثماري في مشروع مدينة جابر الأحمد ومدينة صباح الأحمد والمدن السكنية الجديدة مثل جنوب سعد العبدالله وفق نظام الشراكة.

لا يزال توفير المعلومات المطلوبة عن العقار بكافة أشكاله معضلة يعاني منها السوق، فالقطاع يعتمد على بيانات تجمعها مختلف الجهات الحكومية عند تسجيل وتداول العقارات. اللامركزية هذه تحد من إمكانية إصدار دراسات معمّقة فيما يخص التطلعات المستقبلية والفرص التي قد يوفّرها هذا القطاع.

وتفتقد الشركات العقارية إلى وجود جهة يكون الغرض منها تجميع كافة البيانات الخاصة بالقطاع من السوق، وتوفيرها لجميع المستثمرين من الشركات والأفراد الباحثين عن استثمار رؤوس أموالهم في الكويت، فهذه البيانات تعتمد عليها الشركات العقارية في إعداد الدراسات لوضع منهجية واضحة تحقق أهداف المستثمر وكذلك ازدهار القطاع، كما تحميهم بدورها من الفشل في التطوير العقاري.

تعزيز الشفافية يعتبر من أسس النهوض بأي قطاع حيوي، وبالتالي فإن تفويض جهة مستقلّة قادرة على توفير البيانات اللازمة عن القطاع، وتعمل على تنظيمه من خلال وضع الأطر والحلول المناسبة للنهوض به، سيساهم في رفع مستوى الشفافية بالقطاع. وعندما تتعزز الشفافية يرتفع مستوى تدفق رؤوس الأموال، لأن المستثمر ينظر قبل الدخول في أي استثمارات إلى البيانات والمعلومات المتوفرة عن أي استثمار يرغب الدخول فيه. ومن الحلول التي يجب تنظيمها تحت إشراف هذه الجهة هو إتاحة الفرصة لاستثمار الأراضي ووضع معايير وقوانين واضحة للمطورين العقاريين، وخلق توازن بين العرض والطلب.

وفي ظل ما يشهده القطاع العقاري المحلي من ضعف وانخفاض ملحوظ في النشاط والحاجة إلى خلق بيئة أكثر شفافيةً، تنظمها قوانين ورؤية واضحة ومعايير بناء وتمدين تساهم في تعزيز دوره على المدى الطويل، وتشجع على استقطاب الاستثمارات، يبرز القطاع الخاص كأحد الحلول الرئيسية لتلبية متطلبات الصناعة والنهوض بمستواها في ظل النقص الذي تشهده الكويت على مستوى جودة التطوير العقاري.

ويواجه مطورو العقار العديد من العقبات في السوق، من بينها تباين الأرقام وعدم تطابقها مع البيانات والقوانين التي يعمل بها العقار، فالبعض منها يشير إلى أن قطاع السكن الخاص يستقطب 50% من إجمالي التداول في القطاع العقاري على الرغم من أن الكويت تشهد أزمة إسكانية ملحّة ينتج عنها بدلات إيجارات فاقت الملياري دينار كويتي خلال السنوات الخمس الأخيرة. أما شركات التطوير العقاري فهي مغيبة عن لعب دور إيجاد حل للأزمة التي يعيشها القطاع، رغم الإمكانيات التي تتمتع بها والمتمثلة في تطويرها مشروعات خارج الكويت.

تمثل قيمة الأرض نحو 60% إلى 70% من قيمة الاستثمار الإجمالي للعقار، في حين أن النسبة المجدية اقتصادياً لتطوير عقار ينبغي أن تساوي 20% من قيمة الاستثمار. ويعود سبب ارتفاع القيمة إلى احتكار الأراضي أولاً، وإلى مشاكل طالت القطاع منذ أكثر من 50 عاماً ثانياً، من ضمنها شبكة الطرق، والبنية التحتية، التي باتت تحتاج إلى الاستثمار فيها بشكل أكبر وأوسع، وذلك عبر طرح مشاريع بنية تحتية للمناطق الجديدة وفق قانون الشراكة.

وعلاوة على ذلك، من المهم الأخذ بالاعتبار الجانب التجاري والجدوى الاقتصادية في التطوير العقاري، والتي في وضعها اليوم لا تدعم الوصول إلى القيمة العادلة في أسعار العقارات بسبب الاحتكار وانعدام التنظيم، حيث يجب على الجهات الحكومية تقبّل فكرة أن القطاع العقاري سيبدأ بالتنظيم تلقائياً عند معالجة الخلل الأساسي وهو نقص الدعم والمحفزات للقطاع الخاص ونقص في معايير البناء، أو ما يسمى بالـ"كود" على مستوى السكن الخاص وغيرها، ولابد من النظر إلى أهمية إيجاد خطة واضحة توفر حلولاً لقضية تخطيط للأراضي.

الأدوات والحاسبات

تحويل العملات
فرص الدانة
حاسبة القروض
حاسبة قرض الثروات
الآيبان